في ظل إدارة أمريكية جديدة، هل يتحقق السلام في اليمن؟
محمد الحسني – منصتي 30
ترتبط السياسة الخارجية والدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية، بالكثير من القضايا والأحداث حول العالم وتؤثر هذه السياسات على الدول بشكل مباشر، وقد ينتج عنها قرارات ومواقف تساعد على إقامة علاقات جديدة مع الدول، أو تكوين محاور سياسية جديدة، وفي أسوأ الاحتمالات نشوب حروب سياسية واقتصادية وعسكرية.
اليمن البلد الذي يصارع الحرب ويتوق للسلام منذ سنوات هو الآخر، رفقة الدول والأطراف في النزاع الدائر يترقب كيف سيؤثر الانتقال السياسي الأمريكي على عملية السلام فيه، ومن خلال هذه المادة نستعرض أبرز الاستنتاجات والتصريحات التي يمكن من خلالها التنبؤ ما إذا كان للانتقال السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية دور مؤثر قادم في عملية السلام في اليمن.
هل القرارات كافية لإحلال السلام؟
قدمت واشنطن خلال الفترة السابقة، الدعم للتحالف العربي خلال الحرب في اليمن من خلال تمرير الكثير من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لصالحه، إضافة إلى توفير صفقات الأسلحة والدعم المعلوماتي فيما يخص الحرب في اليمن، وأسهمت إدارة الرئيس ترامب في كثير من المواقف على توفير متنفس للمملكة من خلال العديد من القرارات والتي كان آخرها مشروع تصنيف جماعة أنصار الله الحوثية كمنظمة إرهابية. غير أن الادارة الأمريكية الجديدة راجعت الكثير من القرارات السابقة فيما يخص الحرب في اليمن من خلال إلغاء صفقات السلاح مع السعودية، وتوقيف تقديم الدعم المعلوماتي للتحالف، إضافة إلى إلغاء الخارجية الأمريكية قرار التصنيف، فيما اعتبره البعض مؤشرات للسلام في اليمن.
وكالة الأسوشيتد برس قالت إنه وعلى الرغم من مساعي بايدن للسلام في اليمن، إلا أن طريق السلام صعب، وتحدثت الوكالة على لسان بيتر سالزبري، الخبير في الشأن اليمني في مجموعة الأزمات الدولية، قوله إن تغيير سياسة بايدن كانت “أخباراً سارة حقاً” ولكنه “لن يعني تلقائياً نهاية الحرب”.
التصريحات ليست كافية
منظمة Mass Peace Action الأمريكية وصفت الخطوات الأخيرة بخصوص السلام في المنطقة بـ”المهمة” وتساءلت عما إذا كانت هذه التصريحات واضحة لرسم معالم السلام ووقف الحرب في اليمن أو أنها تشكل ضبابية لرسم سياسة جديدة يرافقها الغموض وقالت إن تصريحات بايدن “غامضة وتترك الباب مفتوحاً أمام احتمال استمرار التدخل الأمريكي”. وأضافت على سبيل المثال، ماذا يقصد الرئيس بـ “العمليات الهجومية”؟ التعريف بالغ الأهمية، لأن الولايات المتحدة قد صاغت دعمها للحرب على أنه “الدفاع” عن المملكة العربية السعودية من الهجمات. وقالت بعد إعلان بايدن الأول عن سحب المساعدات الأمريكية للحرب في اليمن، سرعان ما صرح الرئيس بأهمية الدفاع عن السعودية من “القوات التي تزودها إيران” والتزم بـ “دعم ومساعدة المملكة العربية السعودية في الدفاع عن سيادتها“.
التكاليف الاقتصادية للحرب، فرصة للسلام
“التكاليف الاقتصادية والإنسانية أصبحت باهظة على الدول المشاركة في الحرب على اليمن، والأطراف كلها تبحث عن حل”، يقول مركز مالكولم إتش كير كارنيغي للشرق الأوسط الدراسات والبحوث، ويضيف إن هذه التكاليف قد تجعل الاتجاه للسلام إيجابياً. أما بخصوص وقف بايدن تصدير السلاح للمملكة العربية السعودية فالأخيرة بإمكانها الاستعانة بالأسواق الروسية والصينية. والمراهنة الآن حسب المركز هي للسياسة السعودية القادمة التي قد تتماشى مع التغيرات السياسية الأمريكية وكل المؤشرات تؤدي لذلك.
البحث عن الحل
يقول وزير الخارجية السابق أبو بكر القربي في مقال كُتب لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، إن وعود الإدارة الأمريكية الجديدة بإنهاء الحرب في اليمن، أشعرت الشعب اليمني بأمل كبير، وأضاف أنه وفي ظل الثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب من انقطاع الرواتب وغياب الخدمات الأساسية والكارثة الإنسانية التي صنفت أنها الأسوأ في العالم، فالجميع يبحث عن الحل لتخفيف حدة ذلك. وقال “من أجل تحقيق هذا الهدف، يجب على الولايات المتحدة وضع مبادرة لإنهاء الحرب نفسها، ومعها الحروب بالوكالة والصراعات المتعددة الأوجه التي تستعر في المنطقة، مستفيدةً من واقع أن طرفَي الصراع في اليمن مستعدان للقيام بتسوية يرعاها وسيط أمين”.
يحتاج السلام في اليمن إلى تقديم مبادرات “حسن نية” من كل الأطراف السياسية، بما فيها الأطراف الخارجية، من أجل الوصول إليه، ولا يعني قدوم إدارة أمريكية جديدة أن السلام قد حل مالم تكن هناك رؤية واضحة لسلام مستدام يلزم كل الأطراف بتنفيذه والالتزام بمخرجاته وطرح الموضوع الأكثر أهمية بخصوص ما بعد إنهاء الحرب، من إعادة إعمار، ومناقشة وحل قضايا النازحين وجبر الأضرار التي خلفتها الحرب.