جُنوح الاحداث المستقبل المُغيب
دكة - شيماء القرشي
تحدث الجريمة في كل المجتمعات لكن معدل ارتكاب الجريمة يمثل انعكاس للمجتمع وما توصل اليه من الرقي والحداثة والوعي ، فالمجتمعات الأقل تحضراً حضها من الجرائم اكثر ، حيث تعيش هذه لمجتمعات اواع الكبت والحرمان والفقر واللجوء للعنف والضرب المبرح كوسيلة للتربية ،كما تزيد المشاكل الاسرية وحصول الطلاق بين الزوجين وتشرد الأطفال وتأثيرات زواج الاب بأخرى وفقدان التوعية بحق الحدث وغياب المؤسسات المهتمة وغياب التشريعات او عدم فاعليتها وغياب التوعية بمخاطر الاهتزازات الاسرية على الأطفال باعتبارها بوابة جنوح الأحداث إضافة الى العديد من العوامل الأخرى التي ساهمت بصورة مباشرة في جنوح الاحداث وسيرهم في طريق الانحراف.
في هذا التقرير وقفنا على الاسباب المؤدية الى جنوح الاحداث وكيف يمكن حمايتهم وتغيير سلوكياتهم وما هو الدور المطلوب من مؤسسات ودور الاحداث في انتشالهم من الانحراف
محمد 14عام طفل وجد نفسه في الشارع بعد انفصال والديه, تارة يظل عند والده وتارة يذهب لزيارة امه، وكلاهما انشغل بحياته واهملوا محمد و متابعته
وجد محمد نفسه متهم بجريمة سرقة منزل احد المواطنين في منطقة بني حشيش شمال صنعاء
حيث تم اقناعه من قبل اثنين من الشباب الأكبر منه سناً بأن يقوموا بسرقة منزل وتقاسم ما يحصلون عليه من عملية السرقة، حددوا موعدا للسرقة في وقت يكون المنزل لا يوجد فيه احد من ساكنيه.
كان دور محمد البقاء خارج البيت للمراقبة حتى يستكمل باقي المتهمين سرقة المنزل وتناول الأشياء التي يسرقونها والقيام بإخفائها حيث كان يتناول محمد شاشة تلفزيونية وثم اسطوانة غاز وذهب ليخفيهما في احد المنازل المهجورة اما بقي المسروقات من ذهب و مبالغ مالية فقد اخذها باقي المتهمين
كان محمد اثناء التحقيق يسقط دموع الندم وانه ضحية تشجيع المتهمين وان دوره هو المراقبة وتناول الشاشة التلفزيونية واسطوانة الغاز واخفائهما بل ان محمد دل رجال الشرطة الى مكان إخفاء ما ذكر في احد البيوت المهجورة في نفس المنطقة
وتبين ان المتهمين الأخرين من أصحاب السوابق في ارتكاب الجرائم بل وصدر في حقهما احكام قضائية
لو ان محمد الحدث ذو 14عام وجد الأمان والاستقرار في اسرة تتابعه و تمنحه رعايتها وتقويمها لما صار ضحية ما ارتكب من جريمة سرقة الان محمد خرج بالضمان من حجز النيابة ينتظر حكم المحكمة وما ستوصل اليه.
الفقر البوابة الأولى لجنوح الاحداث
تقول ايمان البكاري أستاذة علم النفس في جامعة صنعاء” عدد كبير من الاسر اليمنية تعتمد في توفير لقمة عيشها مما يحصل عليه اطفالها العاملين في المحلات والورش فالكثير من محلات اصلاح وتركيب إطارات السيارات وغسلها مليئة بعاملين من الأطفال ، رغم انها اعمال تحتاج لمجهود عضلي الا ان واقع الحال وحاجة اسرهم جعلهم يعملون في تلك المهن ليقضوا اكثر ساعات اليوم خارج منازلهم عرضة للاعتداء الجسدي والنفسي .
الحدث جاني ومجني عليه
ترى المحامية رقية الأشعري انه قبل ان يكون الحدث جاني هو مجني عليه ،فالأحداث في عمر يجعلهم متلقين للألفاظ والسلوكيات الخاطئة وبالتالي وصوله ليكون في النهاية جانح ارتكب جريمة وبسببها هو الان في دار الاحداث
تخلي الأسر عن اطفالها الجانحين
تضيف الأشعري قد يرتكب الحدث جريمة وتقرر السلطة المختصة احالته الى دار من دور الاحداث لكن ثمة جريمة ترتكب ضده وهي تخلي الاسرة عن أبنائها الجانحين فقد يظل الحدث الجانح سنوات في دار الاحداث ولا يزوره اقرب الناس اليه خاصة اذا كانت الجريمة التي ارتكبها الحدث كانت مخلة بالشرف كجرائم الاعتداء الجنسي اذ ترى الاسرة ان اقرب الطرق لتجنب ما يخدش سمعتها ترك الحدث سواء كان ذكر او انثى لمواجهة مصيره.
القسوة والتعذيب سبب من أسباب جنوح الاحداث
يقول محمد الكامل دكتور علم الاجتماع بجامعة صنعاء “تداولت وسائل الاعلام في أواخر 2021وحتى مطلع 2022 العديد من الحوادث التي تعرض فيها كثير من الأطفال للتعذيب من الإباء والأمهات بالضرب والحرق بأعقاب السجائر كما انتشرت قصص متكررة لقيام زوجات اباء بتعذيب أطفال ازواجهن بالنار او ربطهم بالحبال بل وصل الامر الى القتل ،هذا التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرض له الأطفال لا ينتج إلا طفل جانح يسعى للانتقام كاره لنفسه ومجتمعة.
الاثار السلبية لاقتناء الطفل للهاتف المحمول
تقول الاخصائية الاجتماعية نجلاء عبدالله انه عندما يقتني طفل عمرة 11 او 12 عام سواء كان ذكر او انثى لهاتف محمول بما في الهاتف من خدمات الانترنت واستعراض الصور والفيديوهات للمواقع الإباحية فما سيكون الناتج لذلك غير طفل غير سوي عرضة للانحراف، وجود الهاتف المحمول مع الطفل اخطر من شرب السجائر .
الحدث وحقه في الحياة بشكل طبيعي
وجدت دور الاحداث من اجل القيام بعملية تقويم سلوك الاحداث الجانحين وعزلهم عن المحيط الذي جعلهم يرتكبون الجرائم ومنحهم التوعية النفسية والتربوية ليكون انسان طبيعي بعيداً عن سلبيات السجون كمكان لقضاء عقوبة وما ينتج عن تأثر الأحداث بمن هم اكبر منهم من المجرمين ارباب السوابق الجنائية المتنوعة حيث يرى محمد العرافي مدير دار الاحداث في صنعاء بأنه “اذا لم يخضع الطفل الحدث لبرامج علاج نفسي وسلوكي ومعرفي ودمج مجتمعي فهو مشروع مجرم كبير “
حيث وضح العرافي في تقرير سنوي نشرته دار الاحداث في أواخر عام 2021 عقب جائحة كوفيد –19 المتفشية عام “2020بأن الدار يعمل على إعادة تأهيل الحدث وتعديل سلوكياته الخاطئة وبناء وتوجيه شخصياتهم الإيجابية وغرس القيم السلوكية والوطنية بالإمكانيات المتاحة، رغم جميع الصعوبات والتحديات التي واجهتنا “
وأكد العرافي” انه اذا لم يتم احتواء الحدث وتعديل سلوكه فإنه سيكون عرضة لعمليات الاستغلال المنظم في عمليات كالتسول ,التهريب ،المخدرات ،المتاجرة بالأعضاء ، ناهيك على انه يتم استغلالهم بأعمال غير أخلاقية كما يتم استقطابهم من قبل الجماعات الإرهابية لزعزعة الأمن وإقلاق سكينة المجتمع
ازدياد جرائم الأحداث منذ بداية جائحة كورونا
تشير احصائيات حصل عليها معد التقرير بأنه خلال جائحة كورونا تم الإفراج عن 45 حدث بعد ما تم تأهليهم بشكل كامل ولم تظهر بينهم بوادر للعودة للانحراف الإجرامي إلا بنسبة 15% وفي مطلع يناير 2021 تم إيداع قرابة 263 من نيابة
حيث ارتكبت هذه الجرام اثناء الجائحة دون ان يتم القبض على الأطفال المرتكبين لها الا في مطلع 2021 لحقها الإفراج عن 270 حدث حتى نهاية العام بعد ان جاء حكم الإفراج من محكمة الاحداث بواقع 137 طفل قضى فترته كاملة، 133 حدث تم الإفراج عنه من قبل نيابة الأحداث من ضمن الحالات المفرج عنها عاد 54 طفل للسلوك الإجرامي والانحراف
وكما توصلنا الى ان اكثر أنواع القضايا والسلوكيات المنحرفة التي ارتكبها الاحداث كانت السرقة بنسبة60% من اجمالي القضايا يليها الإيذاء العمدي بنسبة 11% ثم الاعتداء الجنسي بنسبة 9% اما القتل فكان نسبته 2% من إجمالي الجرائم.