شابٌ فقد ابنه ما حرك ضميرهُ لإنقاذ الآف الأطفال في مارب

تقرير - ولاء دينيش

وجع حرك ضمير متطوع لتوفير جهاز يحيي ويميت, غاب عن مستشفيات مأرب ويقتل غيابهٌ ملائكةٌ كثر. قلب الدين البحري شاب في العشرين من عمره يعمل مصمم جرافيك بعيدًا عن العمل التطوعي لكن ضمير ألم أوقع به في حب فكرة كادت أن تحيي مولوده خالد الذي قضى في حضانة تفتقر لجهاز تنفس صناعي للأطفال، رزقه الله بمولودين مؤخرًا "حمزة وخالد"، فقد أحدهما في يومه الثالث.

ولد حمزة بخير فنقل إلى البيت، بينما خالد احتاج لحاضنة، ساءت حالته بعد يومين ووصف الأطباء أنه بحاجة لجهاز تنفس اصطناعي في الوقت الذي كان المستشفى لا يملك ذلك الجهاز، هرول البحري متخبطًا للبحث علّه يجد ضالته في إحدى مستشفيات مدينة مأرب ولكن بلا جدوى، مما اضطره للتوجه إلى مستشفى كرى والذي يبعد عن المدينة حوالي 20 كم ولكن الوقت لم يسعفه وتوفي طفله خالد في الطريق.

 

*البداية من رحم المعاناة*

من ذلك الوجع حرك البحري ضميره لإنقاذ بقية الأطفال حيث ولم يكن طفله الوحيد بل وقد توفي أطفالٌ كثر لنفس المشكلة في ظل برود وعدم تفاعل لإيقاف تلك المشكلة، شرع البحري بعمل مبادرة جمع تبرعات لتوفير جهاز التنفس، وتبرع ب 500$ وزوجته بتعليقة ذهب، وبدأ يبحث عن أسعار الجهاز فوجد ارتفاع في السعر، ولا جدوى من التبرعات هذه مقارنة بسعره الذي يبلغ 14000$ إلى 26000$.

كان التفاعل جيدًا من الجمهور لكنه لم يكن سيؤدي الغرض، لذا قرر البحري ببدأ دراسة مشروع متكامل وبشكل مفصل كي يتم التنسيق مع جهات داعمة لهذا المشروع، كما تم التنسيق مع "المنظمة الإنسانية للمرأة والطفل" ليكن التسويق عن طريقهم.

كانت هذا الدراسة لشراء جهاز تنفس اصطناعي ثابت في المستشفى، وتم الاتفاق أن المبالغ التي جُمعت من المتبرعين، ستخصص لشراء جهاز متنقل يكون كحل مؤقت يتم تركيبه للطفل أثناء نقله للمستشفى الآخر كي لا يموت في الطريق، وبلغ سعره ما يقارب 3000$

 

معاناةٌ مستمرة

يأتي المواطن بمولوده إلى مستشفى الشهيد محمد هايل في مأرب بين الحياة والموت لمحاولة إنقاذه، لكن المستشفى يعمل على تحويل المريض إلى مستشفى كرى الذي يبعد 20 كيلو متر عن المدينة، وفي أثناء هذه المسافة التي يقطعها المواطن لإنقاذ مولوده تنقطع أنفاس الكثير من المواليد، أشارت تقارير مستشفى الشهيد محمد هايل بمدينة مأرب إلى أن هناك 267 طفل حديث الولادة تم إدخالهم إلى الحضانة بعد الولادة خلال العام منهم 93 مولودين قبل الشهر التاسع، وذكرت التقارير أن 95% من هؤلاء كانوا بحاجة إلى جهاز تنفس صناعي تم تحويلهم إلى مستشفى كرى العام، وتوفي 41 طفل من الذين تم نقلهم إلى مستشفى كرى  أثناء نقلهم بسبب بعد الطريق.

من جهته نائب مدير مكتب الصحة قال: إن زيادة عدد الوفيات لم تكن بسبب غياب جهاز التنفس فحسب وإنما قلة الحاضنات تلعب دورا كذلك في ظل ضعف البنية التحتية والمساحة الصغيرة في المستشفى، وأشار إلى أن هناك جهود تبذل للتحسين وتوسعة المكان حيث يتم بناء الدور الثاني للمستشفى، ليتمكنوا من المطالبة بتوفير حاضنات أكثر وجهاز تنفس ثابت لإنقاذ المولودين، ولفت إلى أنه تم توفير 6 حاضنات في المحافظة وُزعت اثنتان لكل مستشفى، والشهيد إحداهم وبهذا سيقلل من عدد الوفيات بسبب التحويل وبعد المسافة.

وأكدت أحلام المسؤولة عن قسم الحضانات في مستشفى الشهيد محمد هايل أن هناك ضعف في الكادر الطبي المختص لأجهزة التنفس حتى وإن توفرت وأضافت إن عند استياء حالة المولود لا يتم تحويلة إلى مستشفى كرى إلا بعد تركيب له جهاز تنفس متنقل، إنما بعض الحالات لا تتحمل المسافة والبعد وتغادر الحياة قبل الوصول.

تمكن قلب من شراء الجهاز المتنقل من خلال مبادرته التي ساهمت في تفاعل كثير من الجمهور واستجابتهم لمبادرته وتم تركيبه في مستشفى الشهيد ليخفف من معاناة الأطفال والمواليد في الحضانات.

وتبقى قصة البحري وابنه نموذج لكثير من الأهالي الذين يفقدون أطفالهم قبل أن يحظو بحياة كريمة بسبب الاهمال من الجهات المعنية وضعف البنية التحتية في المحافظة.

331