حكاياتٌ من رمضان: أسواقٌ مشلولة وبضائعٌ على الرفوف
تقرير – ريم خالد
في خضمّ الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف باليمن، يطلّ شهر رمضان المبارك حاملاً معه تحدياتٍ جمةً للمواطنين الذين يواجهون صعوباتٍ بالغة في توفير احتياجاته الأساسية.
يُسلّط هذا التقرير الضوء على رحلة اليمنيين مع معاناة غلاء الأسعار وشحّ الموارد خلال الشهر الفضيل، مستعرضًا قصصًا إنسانيةً مؤثرةً تُظهر حجم التحديات التي يواجهها السكان في تأمين احتياجاتهم الأساسية.
يُناقش التقرير أيضًا تأثير الأزمة الاقتصادية على الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتداعياتها على قدرتهم على شراء المواد الغذائية والاحتياجات الضرورية، كما يُسلّط الضوء على دور الجهات المعنية في التخفيف من وطأة هذه المعاناة.
"لم أستطع شراء احتياجات رمضان بسبب ارتفاع أسعارها، واقتصرت على أبسطها فقط"
هكذا نطق صدام منصور، البالغ من العمر 36 عامًا، أحد سكان صنعاء، بلهجة خافتة تعكس ملامح الضعف التي ارتسمت على وجهه. وأضاف صدام، الذي يعمل على دراجة نارية مستأجرة بمبلغ 1000 ريال يوميًا ويعيل 7 أبناء وزوجة، "أصبحت حياتي جحيمًا، فلم أتمكن خلال الأيام الأولى من رمضان هذا العام إلا من شراء بعض المتطلبات الضرورية بشكل شبه يومي، تبعًا للظروف المحيطة بي".
وتابع صدام حديثه لـ "دكة" بمرارة، "أفتقد طقوس رمضان منذ سنوات، فكنت قبل الحرب أوفر مستلزمات الشهر الفضيل قبل دخوله بأسابيع، لكن وضعي تدهور كثيرًا مع مرور السنوات، خاصة مع قلة الدخل الذي أحصل عليه بشكل يومي من عملي الذي تدهور أكثر هذا العام".
ويواجه ياسر العمراني، البالغ من العمر 29 عامًا، صعوبة مماثلة، حيث قرر هذا العام شراء احتياجات رمضان الضرورية من المواد الغذائية والخضروات بشكل يومي، لكن ذلك كلفه 3500 ريال، وهو مبلغ لا يتناسب مع راتبه الشهري البالغ 90 ألف ريال يمني، الذي يذهب نصفه لتكلفة إيجار المنزل.
ويصف العمراني لـ "دكة" رمضان هذا العام بأنه الأسوأ بالنسبة له منذ اندلاع الحرب، حيث أصبح الحصول على أبسط مقومات الحياة مشكلة كبيرة تواجهه على مدار العام، لكنها تعقدت أكثر خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل الذي يتطلب احتياجات خاصة غير بقية الأشهر.
إقبال ضعيف:
مع اقتراب شهر رمضان هذا العام في اليمن، يواجه معظم السكان صعوبة كبيرة في توفير متطلبات الشهر الفضيل، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد. فقد وجد الكثيرون أنفسهم غير قادرين على تحمل تكاليف متطلبات هذا الشهر اليومية.
وفي جولة أجرتها "دكة" في عدد من أسواق العاصمة صنعاء، أكد معظم المواطنين أنهم لم يقدموا هذا العام على شراء احتياجات رمضان، على الرغم من انخفاض بعضها بشكل نسبي مقارنة بالأعوام الماضية. ويعود ذلك إلى عدم قدرتهم على شرائها في ظل الحرب التي ألقت بتبعاتها على غالبية اليمنيين، وتدني الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وانعدام مصادر الدخل، وتوقف الرواتب وغيرها.
وتقول أم علاء، الأربعينية التي كانت تتسوق في إحدى أسواق منطقة السنينة لـ "دكة": "نستقبل رمضان على بركة الله كغيره من الأشهر، لكننا لم نعد نستطيع شراء متطلباته الخاصة بسبب ارتفاع أسعارها وعدم توفر المال الذي يمكننا من شرائها". وتضيف، "نفتقد فرحة رمضان منذ سنوات بسبب سوء الحال، وأصبح الشهر المبارك يشكل خوفًا علينا، ويغرقنا بالمعاناة".
ظروف صعبة:
ويمر اليمنيون في العاصمة صنعاء، وعلى امتداد اليمن، بظروف مادية صعبة، لكنها تضاعفت خلال الأيام الأولى من شهر رمضان. فقد وجد الكثير أنفسهم عاجزين عن توفير الاحتياجات الضرورية للشهر الكريم الذي حل ضيفًا صعبًا على اليمنيين بالتزامن مع دخول العام التاسع من الحرب التي قضت على أخضر البلاد ويابسها، وخلفت الكثير من القصص والمآسي، ودمرت مختلف الجوانب، بما في ذلك الجوانب المعيشية، في بلد يعتمد أكثر من 80٪ من سكانه على المساعدات.
أسواق مشلولة:
اكتظت المحال التجارية في العاصمة صنعاء بأنواع المنتجات الضرورية والخاصة بشهر رمضان، لكن الإقبال عليها منخفض بشكل كبير، نتيجة تردي الوضع الاقتصادي وضعف القدرة الشرائية لدى السكان، وانعدام مصادر الدخل، واستمرار أطراف الصراع بفرض ضرائب مالية كبيرة على السلع الغذائية والاستهلاكية، وانقطاع الرواتب، وقلة وجود العمل.
تُحوّل الحرب حياة اليمنيين إلى جحيم، وتُفاقم من معاناتهم خلال شهر رمضان، حيث يواجهون صعوبات جمة في توفير احتياجاتهم الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار وقلة الدخل.