الروايات في زمن الحرب، تحديات لإنتاج الرواية الأولى

احمد حسن سارية – صنعاء

 

في ظل حرب وأزمة إنسانية مستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، ساهمت في تفاقم الأزمة الإنسانية والمعيشية والاقتصادية والثقافية في اليمن، وظهر الكثيرون ممن تحدوا الحرب، من بينهم شباب في مقتبل العمر تجاوزوا صعوبات الحرب وضغوطها النفسية ليخرجوا بروايتهم الأولى إلى الواقع الصعب في هذه الحرب ليساهموا في خلق بصيص من الأمل لعودة الحياة الثقافية في بلد عصفت به الحروب.

 

أزعم أنني القاضي

من بين هؤلاء حمزة القاضي صاحب ال 25 عاما والذي استطاع أن يصدر كتابه الأول ومن ثم الثاني خلال سنوات الحرب، يعرف حمزة نفسه بمقولة " أنا المحكومُ في جرمٍ وأزعم أنني القاضي " ويضيف القاضي لـ منصة دكة "أن الكتابة هي فضاء حر للتعبير، والخروج من قيود الواقع الحقيقي، حيث أدت الحرب إلى حصار الفضاء الحر للكتاب، لأفكارهم ونصوصهم، ولذلك تجد الكاتب يكتب بحذر، لئلا يصنف أنه يتبع أي جهة سياسية ,لهذا يعتزل الكثير من الكتاب أقلامهم بحثاً عن لقمة العيش بهدوء وبعيداً عن ضجيج حصار الأقلام. 

 

ويضيف حمزة بإن تأثيرات الحرب المباشرة على مجال الأدب بشكل عام هو ما يمثل التحدي الأكبر الذي واجهه، ففي ظل غياب الحياة الأدبية من ندوات ولقاءات وملتقيات كانت المعاناة الحقيقية للكتاب خصوصا للشباب الذين في بداية مشوارهم، إضافة إلى الحالة النفسية السيئة التي تخلفها الحرب ونتائجها على الواقع "يجعل من كتاباتنا تميل نحو وصف مشاعرنا وحالتنا النفسية السيئة" والتخفيف عن ثقل هذه المشاعر بالكتابة.

 

في مطلع العام 2019 اصدار حمزة روايته الأولى بعنوان " وكأن شيئاً لم يكن “، يقول حمزة أن الرواية لاقت صدى واسع من قبل الشباب، خصوصا أنها كانت تتحدث عن وضع الشباب من أكثر من زاوية ومنتصف 2021 أصدر حمزة كتاب "فاصلة منقوطة "يقول حمزة عن الكتاب " لقي صدى واسع و انتشاراً أوسع بين شريحة الشباب التي أعجبت العديد من النصوص المنشورة في الكتاب والتي تعبر عن مشاعر مختلفة نعيشها كشباب في بلد تعيش حالة حرب لأكثر من سبع سنوات". 

 

                   من ذا الذي لم تكسره الحرب ولم يدمره ما يحدث

 

شجرة البتولا

لم يكن حمزة فقط هو الوحيد الذي تحدى الحرب وانتج روايته الأولى , ففي الوقت الذي كانت الحرب تشكل تحديدا كبير لدى الكثيرين لاسيما النساء , كانت رئام الأكحلي تتجه بقوة نحو إصدار روايتها الأولى لتنجح في عام 2020 في ذلك, تقول رئام أن الحرب أثرت بالجميع "من ذا الذي لم تكسره الحرب ولم يدمره ما يحدث" وتضيف رغم أن الحرب تعتبر ملهمة لهم رغم قساوتها ولكنه الأدب يكون في قمة عطائه وأوجه في ظل الظروف القاسية وكما يقال يخلق الإبداع من صلب المعاناة ولكن في المقابل وكإنجاز لأعماله الأدبية من الطبيعي أن تقل فرصة في ظل الحرب وخاصة الكتاب الصاعدين والشباب والذين لا يملكون شيئا سوى موهبتهم وحلمهم" .

 

وبالرغم من ذلك أصدرت رئام رواية " شجرة البتولا" عبر دار تكوين للنشر , وتتحدث الرواية التي تكونت من 283 صفحة من القطع المتوسط عن تفاصيل الحياة وتداخلاتها السياسية والدينية.

 

 واجهت رئام العديد من الصعوبات في سبيل إيجاد دار نشر تتبنى طبع الرواية ونشرها، تقول رئام أن كل الردود كانت إيجابية ومشجعة، وتضيف أن التحديات تواجه الكتاب بشكل عام إناثا وذكورا ويزداد الأمر سوءا بسبب طبيعة المجتمع، وقالت بالرغم من تلاشي الكثير من الصعوبات في السنوات الأخيرة واصبح المجتمع أكثر تقبلا للأمر مقارنة بالسابق ولكن يظل أن تفكر المرأة في الكتابة يمثل تحديا كبيرا لا تستطيع تجاوزه إلا بإيمان عميق بما تقدمه وبما تقوم به وبقدرة الكتابة على انتشالها وجعلها أكثر قوة وشجاعة وبدعم من حولها أعني عائلتها واصدقائها وكل المؤمنين بموهبتها وهذا ما حدث لي حرفيا وهكذا تجاوزتها "وسأظل اتجاوز كل الحواجز التي ستشيد أمامي ما دمت مؤمنة بحلمي" .

 

الكثير من الكُتاب اليمنيين الشباب في ظل ما تمر به اليمن من أزمات وحروب ما زالوا متمسكين ب احلامهم في بلاد أصعب ما فيها توفر لقمة العيش. 

 

 

186