!طلاب ريف تعز ..حين يكون الفقر عائقا لمواصلة التعليم الجامعي

تعز - موسى المليكي 

بات طلاب ريف مدينة تعز عاجزون على مواصلة تعليمهم الجامعي بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد التي أرغمت الكثيرين على ترك التعليم والاتجاه إلى الأعمال الشاقة، لم يتمكن محمد محمود الصالحي"23عاما" من الالتحاق بالجامعة على الرغم من حصوله على نسبة عالية في الثانوية العامة بسبب ظروفه المعيشية الصعبة على غرار العشرات من الطلاب في تعز الذين اجبرتهم الحرب وقف تعليمهم في أرياف تعز.

 خلال السنوات الماضية أجبرت الظروف المعيشية الصعبة عشرات الطلاب في مدينة تعز، خاصة من يعيشون في الأرياف إلى ترك التعليم ، إذ يعيش الأهالي ظروف معيشية صعبة انعكست سلبا على مختلف مجالات حياتهم وتسببت بحرمان أبنائهم من مواصلة تعليمهم المدرسي والجامعي بالتزامن مع انهيار وتدهور التعليم في اليمن.

منذ اندلاع الحرب في اليمن تراجعت العملية التعليمية ووصلت إلى أدنى مستوى لها في تاريخ اليمن خصوصاً عقب انقطاع صرف الرواتب الحكومية بسبب الحرب الحاصل في البلاد ووفقاً لمؤشر دافوس الخاص بترتيب الدول العربية في جودة التعليم بها لعام 2021، كان اليمن خارج التصنيف نتيجة تدهور العملية التعليمية خلال سنوات الحرب وبحسب الصليب الأحمر فإن 3ملايين طفل غير قادرين على الذهاب الى المدرسة بينهم 1.8مليون بحاجة إلى مساعدة تعليمية عاجلة.

 

أوضاع معيشية صعبة

ينحدر محمد الصالحي من مديرية جبل حبشي غربي محافظة تعز جنوبي البلاد، تخرج من الثانوية في عام 2019م بمعدل 86% لكنه حتى اللحظة يعمل في سوق الخضروات بمديرية الشيخ عثمان في محافظة عدن على أمل توفير مبالغ مالية واستكمال درسته الجامعية في بلاد تعصف به الحرب منذ أكثر من ثماني سنوات.

يعيش الصالحي ومعه الكثير من الطلاب في أرياف محافظة تعز، اوضاعا صعبة ضاعفت حدثها ارتفاع رسوم التعليم الحكومي وارتفاع أجور المواصلات وارتفاع أسعار الخدمات الدراسية في بلد صنف ضمن أسوء أماكن العيش في العالم، واذ تقول الأمم المتحدة بأن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث تشير أحدث التقديرات إلى أن نحو 50الف شخص يعيشون حالياً في ظروف تشبه المجاعة، إذ يشتد الجوع في المناطق المتضررة من الصراع ويحتاج ما يقرب من 21مليون شخص، اي أكثر من 66%من إجمالي عدد السكان إلى مساعدات إنسانية وحماية.

يقول الصالحي لدكة ... إن والده متوفي ومن يعولهم هو أخوه الأكبر الذي يعمل في مجال الحدادة في مدينة تعز بالأجر اليومي – وهو أيضا - لم يتمكن من تلبية احتياجات الحياة اليومية الأساسية لأفراد الأسرة، ويعود في أغلب الايام إلى المنزل دون الحصول على العمل وظروفنا صعبة جداً ونعيش أتعس ايام حياتنا.

 كان الصالحي يطمح في الدراسة في كلية الهندسة - قسم هندسة معدات نفطية – لكنه يشعر بالحسرة والقهر من عدم مقدرته على الالتحاق في الكلية، لكنه حسب قوله سيكافح ويبحث عن العمل بهدف تحقيق حلم حياته، معتبرا أن ساعات السهر والتعب التي كان يقضيها في الدراسة والمذاكرة أيام الثانوية لن تذهب سدى

 الصالحي ليس الوحيد الذي لم يستطع تحقيق حلمه في الدراسة الجامعية، ما يزال محمد العامري"18عاما"يكافح هو الاخر لمواصلة تعليمه الدراسي، يدرس العامري في الصف الثاني ثانوي في مدرسة حكومية تبعد مسافات طويلة عن قريته التي يعيش فيها مع اسرته في منطقة المسراخ في محافظة تعز جنوبي البلاد، ومثله الكثير.

يحكى العامري قصته لمنصة دكة " اذهب في الصباح الباكر مشيا على الأقدام إلى المدرسة بسبب ظروفي المعيشية الصعبة ، لا يستطيع والدي تحمل نفقات التعليم معظم الأحيان اتعرض للطرد من المدرسة بسبب عدم دفع المبلغ الشهري الذي تفرضه علينا المدرسة.

ويضيف اضطر للعمل لتوفير الرسوم والمستلزمات المدرسية، أبي يعمل موظفاً حكومياً وراتبه منقطع منذ سنوات.

 

 أثار الحرب

بحسب الأمم المتحدة فإن حوالي 8.1 مليون شابا وشابة في سن الدراسة يحتاجون إلى الدعم العاجل لمواصلة تعليمهم ونتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة فإن غالبية الآباء يشعرون بأنه ليس لديهم خيار سوى إلحاق أطفالهم في الأشغال والعمل، مشيرة إلى تدهور البنية التحتية، وبحسب ارقام الأمم المتحدة فقد تم تدمير أكثر من 2000مدرسة أو تعطيلها أو استخدامها لأغراض أخرى.

بالتزامن مع تدهور التعليم في المدارس الحكومية والجامعات يبذل طلاب المناطق الريفية جهودا كبيرة لمواصلة تعليمهم، يكافح معيد عارف الفارعي"21عاما"لمواصلة تعليمه الجامعي بجامعة تعز ويقول لمنصة دكة برغم إني يتيم والظروف المعيشية الصعبة أدرس في كلية الطب بجامعة تعز ولدي طموح في إكمال دراستي.

يضيف الفارعي ظروفي المادية صعبة جداً وتكاليف المواصلات من قريتي إلى الجامعة أثقلت كاهلي لأني أسكن في القرية بمنطقة وادي مكسب بمديرية جبل حبشي التي تعد من أرياف محافظة تعز التي تبعد مسافات طويلة عن الجامعة وتكلفة التنقل يكلف نحو 3000 ريالا ناهيك عن المتطلبات الأخرى كشراء الملازم والكتب وتكاليف الرسوم وزعم كل هذا وضع الطالب اليمني أصبح صعب للغاية ونخشى من مستقبل مجهول.

 

مستقبل يتجه إلى الهاوية

من الصعب معرفة نسبة الطلاب المحرومين من التعليم الجامعي في أرياف محافظة تعز، لكن أكاديميا في الجامعة – طلب عدم ذكر اسمه - أكد ل....."أنه خلال السنوات الماضية كان هناك تراجعا كبيرا في نسبة إقبال الطلاب على الدراسة في الجامعة، بشكل غير مسبوق خصوصاً طلاب مناطق الأرياف الذين كانوا يشكلون الجزء الأكبر من الطلاب خصوصاً في الأقسام الدراسية، لأفتا إلى أن بعض الأقسام لا توجد فيها سوى مجموعة قليلة وبعضها تم إغلاقها بشكل نهائي.

في السياق يقول استاذ علم النفس التربوي الدكتور خالد الشميري - وهو من منطقة بئر باشا بمديرية المظفر - ويعمل دكتورا في كلية التربية بجامعة تعز لمنصة دكة "إن ابتعاد الطلاب عن الدراسة والحرمان من مواصلة تعليمهم الجامعي قد ينعكس سلباً على حياتهم وقد يؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية".

الكثير من الطلاب ممن أجبرتهم الظروف المعيشية الصعبة إلى ترك التعليم سيتوجهون إلى البحث عن أعمال، قد يكون بعضها اعمالا شاقه في حين ان أبناء الميسورين يواصلون تعليمهم.

161